السلام عليكم
الحمد لله والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه أجمعين
الاسلام و السياسة ..في الاونة الاخيرة أصبح العالم و الجاهل و الكبير و الصغير يتناقشان في امور سياسية كلٍ وفقاً لرؤيته وتحصيله
وفي اي مكان وزمان تحتدم المناقشة بدرجة تصل الي التعصب ..
و أصبحت الساحة الآن لا مجال للحديث فيها إلا عن الاسلاميين ..
و عندما يناقشني احد .. عن توجهاتي السياسية ويخلطون الامور ويصبغونها بالوازع الديني
كان ردي ببساطة علي قدر فهمي وبتلقائية ..
انا مسلمة اهتم ببلدي واتمناها بأحسن حال .. لكني كنت استغرب من تحيزهم الظاهر لمرشح دون الآخر بحجة الاسلام
السنا جميعاً مسلمون ؟؟
نحن بلد إسلامي لا يقبل ان يترأسها اي شخص من دين آخر ..
وفي سؤال وُجه لفضيلة الشيخ محمد متولي الشعراوي عن انتماءه لحزب ديني فأجاب فضيلته :-
لأن الإنتماء إلى حزب ديني ليس من ركائز الإسلام ولا يضير اسلامي شيء إن لم أنتم إلى هذا الحزب.
فأنا مسلم قبل أن أعرفكم وأنا مسلم قبل أن تكون حزباً وأنا مسلم بعد زوالكم ولن يزول إسلامي بدونكم
لأننا كلنا مسلمون، وليسوا هم وحدهم من أسلموا
لأنني أرفض أن انتمي إلى حزب يستجدي عطفي مستنداً على وازعي الديني قبل أن يخاطب عقلي
هو حزب سياسي قبل أن يكون ديناً وهو يمثل الفكر السياسي لأصحابه ولا يمثل المسلمين.
لأنني أرفض أن استجدي ديني في صندوق إنتخاب، فديني للا أستجديه من غير خالقي،
يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي: "أتمني أن يصل الدين إلي أهل السياسة.. ولا يصل أهل الدين إلي السياسة"
فإن كنتم أهل دين، فلا جدارة لكم بالسياسة وإن كنتم أهل سياسة فمن حقي أن لا اختاركم ولا جناح على ديني
ايعقل هذا ؟؟
يتمني شيخنا الجليل أن يصل الدين إلي أهل السياسة.. ولا يصل أهل الدين إلي السياسة ..!!
لماذا ؟؟
جملة استوقفتني كثيراً فكان لزاما ً عليّ البحث عن السبب ..
نعم فكلام فضيلة الشيخ دفعني لكتابة هذا الموضوع عن
الانتماء للاحزاب الدينية الاسلامية
فبالبحث عن فتوي في هذا المجال وجدت الآتي :- أوجب الإسلام على أتباعه أن يكونوا مجتمعين على الحق ، وحذَّرهم من الفرقة
، وأخبرهم التنازع والتفرق بعد العلم بالحق هو سبيل غير المسلمين ، وهو
كفيل بإحداث الفشل وذهاب القوة ، وهو ما يجعلهم فريسة سهلة المنال من
المتربصين بالإسلام .
قال تعالى : (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا ) آل عمران/103 .
وقال ابن كثير - رحمه الله - :
وقوله:
( وَلا تَفَرَّقُوا ) : أمَرَهُم بالجماعة ، ونهاهم عن التفرقة ، وقد وردت
الأحاديثُ المتعددة بالنهي عن التفرق والأمر بالاجتماع والائتلاف ، كما في
صحيح مسلم من حديث سُهَيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله
قال : ( إنَّ اللهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلاثًا ، وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا ،
يَرْضى لَكُمْ : أنْ تَعْبدُوهُ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ، وأنْ
تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا ، وأنْ تُنَاصِحُوا
مَنْ وَلاهُ اللهُ أمْرَكُمْ ؛ وَيَسْخَطُ لَكُمْ ثَلاثًا : قيلَ وَقَالَ ،
وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ ، وإِضَاعَةَ الْمَالِ ) ، وقد ضُمِنتْ لهم
العِصْمةُ عند اتفاقهم من الخطأ ، كما وردت بذلك الأحاديث المتعددة أيضًا ،
وخِيفَ عليهم الافتراق ، والاختلاف ، وقد وقع ذلك في هذه الأمة فافترقوا
على ثلاث وسبعين فرقة ، منها فرقة ناجية إلى الجنة ومُسَلمة من عذاب النار ،
وهم الذين على ما كان عليه رسولُ الله
وأصحابه .
" تفسير ابن كثير " ( 2 / 89 ، 90 ) .
وقال
تعالى : ( وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ
وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ
هُمُ الْمُفْلِحُونَ . وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا
وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ
عَذَابٌ عَظِيمٌ ) آل عمران /104،105 .
و قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - :
يتوعد
تعالى الذين فرقوا دينهم ، أي : شتتوه وتفرقوا فيه ، وكلٌّ أخذ لنفسه
نصيباً من الأسماء التي لا تفيد الإنسان في دينه شيئاً ، كاليهودية ،
والنصرانية ، والمجوسية ، أو لا يكمل بها إيمانه ، بأن يأخذ من الشريعة
شيئاً ويجعله دينه ، ويدع مثله ، أو ما هو أولى منه ، كما هو حال أهل
الفرقة من أهل البدع والضلال والمفرقين للأمة .
ودلت الآية الكريمة
أن الدين يأمر بالاجتماع والائتلاف ، وينهى عن التفرق والاختلاف في أهل
الدين ، وفي سائر مسائله الأصولية والفروعية .
وأمره أن يتبرأ ممن فرقوا دينهم فقال : ( لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ ) أي : لست منهم ، وليسوا منك ؛ لأنهم خالفوك وعاندوك .
( إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ) يرِدون إليه ، فيجازيهم بأعمالهم ، ( ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) .
" تفسير السعدي " ( ص 282 ) .
و لا يجوز للمسلمين تكوين أحزاب وجماعات تقوم على التعصب لآرائها ،
والتحزب لقياداتها ؛ لما في ذلك من الوقوع في التفرق الذي نهينا عنه .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
وليس
للمعلِّمين أن يحزبوا الناس ويفعلوا ما يلقي بينهم العداوة والبغضاء ، بل
يكونون مثل الأخوة المتعاونين على البر والتقوى كما قال تعالى ( وتعاونوا
على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان ) .
وليس لأحد
منهم أن يأخذ على أحد عهداً بموافقته على كل ما يريده ، وموالاة مَن يواليه
، ومعاداة مَن يعاديه ، بل من فعل هذا : كان من جنس " جنكيزخان " وأمثاله
الذين يجعلون من وافقهم صديقا والي ، ومن خالفهم عدوّاً باغي ، بل عليهم
وعلى أتباعهم عهد الله ورسوله بأن يطيعوا الله ورسوله ، ويفعلوا ما أمر
الله به ورسوله ، ويحرموا ما حرم الله ورسوله ، ويرْعَوا حقوق المعلمين كما
أمر الله ورسوله .
" مجموع الفتاوى " ( 28 / 15 ، 16 ) .
وقال – رحمه الله - :
ومن
حالف شخصاً على أن يوالي مَن والاه ، ويعادي من عاداه : كان من جنس التتر
المجاهدين في سبيل الشيطان ! ومثل هذا ليس من المجاهدين في سبيل الله تعالى
، ولا من جند المسلمين ، ولا يجوز أن يكون مثل هؤلاء من عسكر المسلمين ،
بل هؤلاء من عسكر الشيطان ، ولكن يحسن أن يقول لتلميذه : عليك عهد الله
وميثاقه أن توالي من والى الله ورسوله وتعادي من عادى الله ورسوله ، وتعاون
على البر والتقوى ، ولا تعاون على الإثم والعدوان ، وإذا كان الحق معي
نصرتَ الحق ، وإن كنتُ على الباطل : لم تنصر الباطل ، فمن التزم هذا كان من
المجاهدين في سبيل الله تعالى الذين يريدون أن يكون الدين كله لله وتكون
كلمة الله هي العليا .
" مجموع الفتاوى " ( 28 / 20 ، 21 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز – رحمه الله - :
أما
الانتماءات إلى الأحزاب المحدثة : فالواجب تركها , وأن ينتمي الجميع إلى
كتاب الله وسنَّة رسوله , وأن يتعاونوا في ذلك بصدق وإخلاص , وبذلك يكونون
من حزب الله الذي قال الله فيه سبحانه في آخر سورة المجادلة ( أََلا إِنَّ
حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) بعدما ذكر صفاتهم العظيمة في قوله
تعالى : ( لا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ
يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) الآية .
ومن صفاتهم
العظيمة : ما ذكره الله عز وجل في سورة الذاريات في قول الله عز وجل : (
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ . آخِذِينَ مَا آتَاهُمْ
رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ ذَلِكَ مُحْسِنِينَ . كَانُوا قَلِيلا
مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ . وَبِالأسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ .
وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ ) فهذه صفات حزب
الله لا يتحيزون إلى غير كتاب الله والسنَّة ، والدعوة إليها ، والسير على
منهج سلف الأمة من الصحابة رضي الله عنهم وأتباعهم بإحسان .
فهم
ينصحون جميع الأحزاب وجميع الجمعيات ويدعونهم إلى التمسك بالكتاب والسنة ,
وعرْض ما اختلفوا فيه عليهما فما وافقهما أو أحدهما فهو المقبول وهو الحق ,
وما خالفهما وجب تركه .
ولا فرق في ذلك بين جماعة الإخوان
المسلمين , أو أنصار السنة والجمعية الشرعية , أو جماعة التبليغ أو غيرهم
من الجمعيات والأحزاب المنتسبة للإسلام ، وبذلك تجتمع الكلمة ويتحد الهدف
ويكون الجميع حزباً واحداً يترسم خُطا أهل السنة والجماعة الذين هم حزب
الله وأنصار دينه والدعاة إليه .
ولا يجوز التعصب لأي جمعية أو أي حزب فيما يخالف الشرع المطهر .
" مجموع فتاوى الشيخ ابن باز " ( 7 / 177 ، 178 ) .
.
وأكد الكثير من علماء المسلمين ان رفض فكرة التحزب الديني وإنكاره تأتي من
المفاسد التي تنطوي وتنتج عن وجود مثل هذه الاحزاب
فهي تنطوي على هدف الوصول الى السلطه بما يحفها من مخاطر الرضوخ للمؤثرات المرتبطه بالواقع
السياسي والمصالح المشتركه والتي قد تتصادم مضامينها مع كثير من النصوص الشرعيه فتوقع الحزب
الدينى في ازمه التوفيق بين الامرين والوقوع في كثير من المخالافات الشرعيه ..
كما أنه من أكبر المخاطر الناجمة عن الانتماء لاي حزب ديني سياسي هو الفتنه بين الطوائف الاسلاميه
المختلفه وسعي كل طائفه بشتى الوسائل لفرض نفسها واستبعاد الاخرين
فيكون إعمال قاعدة ..
سد الذرائع وقاعدة درء المفاسد مقدم على جلب المصالح مبراراً هاماً في عدم جواز الانتماء الي مثل هذه الاحزاب