عالم ما بعد الموت
إنّ الاعتقاد بيوم القيامة والبعث بعد الموت أصل
مشترك بين جميع الشرائع السماوية، وليس للدين معنى من دون الاعتقاد بيوم
القيامة والجزاء، ولاهمية هذا الاصل ثمّة طائفة كبيرة من آيات القرآن ترتبط
بالمعاد.
الله حق مطلق وفعله كذلك ـ مثله ـ حق ومنزّه عن اللغوية
والعبثية، وبالنظر إلى هذه النقطة، وحيث إنّ خلق الانسان من دون وجود حياة
خالدة لغو وعبث، تتضح ضرورة المعاد ويوم القيامة.
على أنّ تحقّق العدل الالهي في شأن الصالحين والطالحين و الاخيار والاشرار يطلب وجود مثل هذا اليوم في المستقبل.
إنّ
القرآن الكريم أجاب على الشبهات التي تدور حول المعاد، فاستدل على إمكان
المعاد بالقدرة الالهية المطلقة تارة وبالخلق الاوّل أُخرى واتّخذهما
دليلاً على إمكان المعاد، وتجديد الحياة البشرية وربما استدل لعودة الحياة
إلى الناس بعودة الحياة إلى الارض الميتة في فصل الربيع وهكذا...
معاد
البشر ـ في يوم القيامة ـ جسمانيٌ وروحانيٌ معاً، بمعنى أنّ الانسان يلقى
من الثواب والعقاب في يوم القيامة ما لا يمكن ان يتحقّق بلا جسم، وكذا ما
يكون له طابع روحي ونفسي خاصة.
ليس الموت تعبيراً عن نهاية الحياة
البشرية بل الانسان بواسطة الموت ينتقل من هذا العالم إلى عالم آخر، هذا
مضافاً إلى أنّ هناك بين الدنيا والاخرة عالم آخر يسمّىبـ «البرزخ» يتمتع
الانسان فيه بحياة خاصة ونعمة خاصة ونقمة خاصة.
الحياة البرزخية تبدأ من
ساعة نزع الروح من الجسد، كما أنَّ بعد دفن الانسان يبدأ سؤاله عن أعماله
وأقواله بواسطة النكيرين وهما ملكان من الملائكة، وعالم البرزخ يكون
للمؤمنين مظهر الرحمة، وللكافرين والمنافقين فترة عذاب.
هناك فريق لا
يقولون بالمعاد حسب التفسير الديني (والاسلامي خاصة) ويعتقدون بدل ذلك
بفكرة «التناسخ» في حين انّ «التناسخ» أمر مستحيل باطل حسب المنطق
الاسلامي.
لم يكن المسخ في الاُمم السابقة على شكل التناسخ، بل بعض
الناس ـ في المسخ ـ تتغير صورهم الظاهرية إلى صور القردة والخنازير، مع
بقاء شخصيتهم البشرية، ولهذا يختلف المسخ عن التناسخ اختلافاً كبيراً.
«أشراط
الساعة» هي علائم تدل على قرب موعد القيامة، هذه العلائم باختصار هي: بعثة
النبي الخاتم (محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) وانهيار سدّ يأجوج ومأجوج،
وظهور دخان غليظ شامل في السماء، ونزول السيد المسيح، وخروج دابّة خاصّة من
الارض.
ينفخ في «الصُور» مرتين مرة قبل قيام القيامة يموت معها الانسان، ومرة يحيى بها جميع البشر ليوم الحساب
يحاسَب
جميع الناس يوم القيامة بأساليب خاصة، ومضافاً إلى ذلك تُعطى صحيفة كل شخص
بيده، ويشهد شهود على أعمال الناس الصالحة أو الطالحة التي أتوا بها في
هذه الدنيا.
شفاعة الشفعاء للمذنبين من الاُمّة بإذن الله يوم القيامة، أصلٌ قرآني مسلّم ومقطوع به، ودلّت عليه آيات وأحاديث كثيرة جداً.
طلب
الشفاعة من الذين أذن الله تعالى لهم بالشفاعة أمر لا إشكال فيه لانّ طلب
الشفاعة هو طلب الدعاء منهم، وطلب الدعاء من المؤمن عمل أذن به القرآن
والسنّة بل دعا الكتاب والسنة إليه.
أبواب التوبة مفتوحة في وجه العباد
المذنبين دائماً (إلاّ في لحظة الموت)، والاعتقاد بالتوبة مثل الاعتقاد
بالشفاعة إذا لوحظت فلسفتها وآدابها، وشرائطها لا يوجب تشجيع المذنبين على
المزيد من الذنبِ والمعصية، بل انفتاح باب التوبة لاجل إيجاد الاستعداد
لجماعة يحبّون أن يحسنوا فيما تبقى من عمرهم، ويعيشوا في طهر ونقاء، فانّ
رحمة الله الواسعة لا تسمح بأن يقع مثل هذا الفريق في قعر الضلال الابدي
بسبب اليأس والقنوط من الرحمة الالهية.
إنّ الانسان يصل إلى نتيجة عمله
في العالم الاخر انْ خيراً فخير، وإنْ شراً فشر، وأعمال الانسان السيئة لا
تبطل ولا تفني أعمالَه الصالحة، إلاّ مثل الارتداد والشرك والكفر، ممّا
ذكره القرآن الكريم ويسمّى هذا بحبط العمل.
إنّ الخلود في الجحيم خاصّ
بالكفار وامّا المؤمنون العصاة (اذا لم يطهرهم العذاب في العالم الدنيوي،
أو البرزخ أو شفاعة الطاهرين) فيُغفر لهم بعد تحمّل العذاب في جهنم، ثم
ينجون ويخرجون من النار