أولاً:
أن أصل هذا العيد فرعوني، كانت الأمة الفرعونية الوثنية تحتفل به ثم انتقل
إلى بني إسرائيل بمخالطتهم للفراعنة، فأخذوه عنهم، ومنهم انتقل إلى
النصارى، وحافظ عليه الأقباط –ولا يزالون-.
فالاحتفال به فيه مشابهة
للأمة الفرعونية في شعائرها الوثنية؛ إن هذا العيد شعيرة من شعائرهم
المرتبطة بدينهم الوثني، والله تعالى حذرنا من الشرك ودواعيه وما يفضي
إليه؛ كما قال سبحانه مخاطباً رسوله –صلى الله عليه وسلم-: { ولقد أوحي
إليك وإلى الذين من قبلك لئن أشركت ليحبطن عملك ولتكونن من الخاسرين . بل
الله فاعبد وكن من الشاكرين } [الزمر: 65-66]، ولقد قضى الله سبحانه –وهو
أحكم الحاكمين- بأن من مات على الشرك فهو مخلد في النار؛ كما قال سبحانه: {
إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك بالله فقد
ضل ضلالاً بعيداً } [النساء: 116].
ثانياً: أن اسم هذا العيد
ومظاهره وشعائره من بيض مصبوغ أو منقوش وفسيخ (سمك مملح) وبصل وخس وغيرها
هي عين ما كان موجوداً عند الفراعنة الوثنين،ولها ارتباط بعقائد فاسدة
كاعتقادهم في البصل إذا وضع تحت الوسادة أو علق على الباب أو ما شابه ذلك
فإنه يشفي من الأمراض ويطرد الجان كما حصل في الأسطورة الفرعونية، ومن فعل
ذلك فهو يقتدي بالفراعنة في خصيصة من خصائص دينهم الوثني، والنبي –صلى الله
عليه وسلم- يقول: « من تشبه بقوم فهو منهم » رواه أحمد (3/50) وأبو داود
(5021).
قال شيخ الإسلام ابن تيمية –رحمه الله تعالى_: (هذا الحديث
أقل أحواله أن يقتضي تحريم التشبه بهم، وإن كان ظاهره يقتضي كفر المتشبه
بهم كما في قوله تعالى: "ومن يتولهم منكم فإنه منهم" أ.هـ (الاقتضاء
1/314).
وقال الصنعاني –رحمه الله تعالى-: (فإذا تشبه بالكفار في زي
واعتقد أن يكون بذلك مثله كفر، فإن لم يعتقد ففيه خلاف بين الفقهاء: منهم
من قال: يكفر، وهو ظاهر الحديث، ومنهم من قال: لا يكفر ولكن يؤدب) سبل
السلام (8/248).
وهذه الاعتقادات التي يعتقدونها في طعام عيد شم
النسيم وبيضه وبصله مناقضة لعقيدة المسلم، فكيف إذا انضم إلى ذلك أنها
مأخوذة من عباد الأوثان الفراعنة؟ لا شك أن حرمتها أشد؛ لأنها جمعت بين
الوقوع في الاعتقاد الباطل وبين التشبه المذموم.
ثالثاً: ذكر الشيخ
الأزهري علي محفوظ رحمه الله تعالى - عضو هيئة كبار العلماء في وقته في
مصر- بعض ما شاهده من مظاهر هذا العيد، وما يجري فيه من فسوق وفجور فقال
–رحمه الله تعالى-: (وناهيك ما يكون من الناس من البدع والمنكرات والخروج
عن حدود الدين والأدب في يوم شم النسيم، وما أدراك ما شم النسيم؟ هو عادة
ابتدعها أهل الأوثان لتقديس بعض الأيام تفاؤلاً به أو تزلفاً لما كانوا
يعبدون من دون الله، فعمرت آلافاً من السنين حتى عمت المشرقين، واشترك فيها
العظيم والحقير، والصغير والكبير..) إلى أن قال: (فهل هذا اليوم –يوم شم
النسيم- في مجتمعاتنا الشرعية التي تعود علينا بالخير والرحمة؟ كلا، وحسبك
أن تنظر في الأمصار بل القرى فترى في ذلك اليوم ما يزري بالفضيلة، ويخجل
معه وجه الحياء من منكرات تخالف الدين، وسوءات تجرح الذوق السليم، وينقبض
لها صدر الإنسانية.
الرياضة واستنشاق الهواء، ومشاهدة الأزهار من
ضرورات الحياة في كل آن لا في ذلك اليوم الذي تمتلئ فيه المزارع والخلوات
بجماعات الفجار وفاسدي الأخلاق، فتسربت إليها المفاسد، وعمتها الدنايا،
فصارت سوقاً للفسوق والعصيان، ومرتعاً لإراقة الحياء، وهتك الحجاب، نعم، لا
تمر بمزرعة أو طريق إلا وترى فيه ما يخجل كل شريف، ويؤلم كل حي، فأجدر به
أن يسمى يوم الشؤم والفجور!! ترى المركبات والسيارات تتكدس بجماعات عاطلين
يموج بعضهم في بعض بين شيب وشبان ونساء وولدان ينـزحون إلى البساتين
والأنهار، ترى السفن فوق الماء مملوءة بالشبان يفسقون بالنساء على ظهر
الماء، ويفرطون في تناول المسكرات، وارتكاب المخازي، فاتبعوا خطوات الشيطان
في السوء والفحشاء في البر والبحر، وأضاعوا ثمرة الاجتماع فكان شراً على
شر، ووبالاً على وبال.
تراهم ينطقون بما تصان الأذان عن سماعه، ويخاطبون
المارة كما يشاؤون من قبيح الألفاظ، وبذيء العبارات؛ كأن هذا اليوم قد
أبيحت لهم فيه جميع الخبائث، وارتفع عنهم فيه حواجز التكليف ( أولئك حزب
الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون ).
فعلى من يريد السلامة في
دينه وعرضه أن يحتجب في بيته في ذلك اليوم المشؤوم، ويمنع عياله وأهله،
وكل من تحت ولايته عن الخروج فيه حتى لا يشارك اليهود والنصارى في مراسمهم،
والفاسقين الفاجرين في أماكنهم، ويظفر بإحسان الله ورحمته) أ.هـ من
الإبداع في مضار الابتداع (275-276).
رابعاً: ظهر من كلام الشيخ علي
محفوظ الآنف الذكر، وكلام من نقلنا عنهم في مظاهر هذا العيد الوثني
الفرعوني، أنه عيد ينضح بالفجور والفسوق، ويطفح بالشهوات والموبقات، وكل من
كتب عن هذا العيد من المعاصرين –فيما وقفت عليه من مصادر- يذكرون ما فيه
من اختلاط، وتهتك في اللباس، وعلاقات محرمة بين الجنسين، ورقص ومجون، إضافة
إلى المزامير والطبول وما شاكلها من آلات اللهو، فيكون قد أنضاف إليه مع
كونه تشبهاً بالوثنيين في شعائرهم جملة من مظاهر الفسق والفجور كافية في
التنفير عنه، والتحذير منه.