بسم الله الرحمن الرحيم
من
دلائل إعجاز القرآن الباهرة الإعجاز الغيبي؛ فقد أخبر بأمور تقع في
المستقبل، فجاءت كما أخبر، لم تتخلف أو تتغير، وهذا ما لا سبيل للبشر إليه
بحال، وذلك في القرآن كثير، لكننا سنضرب أمثلة منه تكون دليلاً على ما
سواها
ومن أمثلة الإعجاز الغيبي في القرآن إخبار الله تعالى عن
انتصار الروم على الفرس، في قوله I:{الم * غُلِبَتِ الرُّومُ * فِي أَدْنَى
الأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ * فِي بِضْعِ
سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ
الْمُؤْمِنُونَ * بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ
الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ} [الروم: 1-5]. وأصل الحادثة أن فارس -وهم أهل
أوثان- غلبت الرومَ -وهم أهل كتاب- فشَمَتَ كُفَّار مكَّة في النبيوصحبه،
فأنزل الله الآيات السابقة تحدِّيًا للعرب وبُشْرَى للمؤمنين؛ لأن طائفة
الإيمان ستنتصر؛ لكن الذي يعنينا أنَّ القرآن الكريم أخبر عن حدث غيبي
مهمٍّ، لم يستطع أَحَدٌ -في ذلك العصر- أن يُغَيِّر منه في شيء، أو
يُكَذِّبه، وهو لون من ألوان الإعجاز الغيبي الذي جاء به القرآن الكريم
متحدِّيًا به كل معاند له، أو جاحد لحقيقته، وقد حدث ما أخبر به اللهمن
انتصار الروم على الفرس، وكان ذلك وقت غزوة بدر[1].
انتصار المسلمين المستضعفين
ومن
الآيات القرآنية التي بشَّرت المسلمين المستضعفين في مكة أنهم سينتصرون
على عدوِّهم، وستقوم دولتهم، قوله I: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ
الدُّبُرَ} [القمر: 45]. فقد ذكر ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره أنه لما
نزلت هذه الآية الكريمة "قال عمر: أيّ جمَع يُهزم؟ أيّ جَمْع يُغلب؟ قال
عمر: فلما كان يوم بدر رأيتُ رسولَ اللهيثب في الدرع، وهو يقول:
{سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ}. فعرفتُ تأويلها يومئذ[2].
هذا
طرف من إعجاز القرآن؛ ذلك الإعجاز الذي لا تنتهي عجائبه، ولا يَخْلَق من
كثرة الردِّ؛ فهو كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه،
فاستحقَّ بذلك أن يكون معجزة النبي محمدالخالدة
دمتم في حفظ الرحمن
تحياتي,,